تسريع الاكتشاف العلمي باستخدام الذكاء الاصطناعي

تسريع الاكتشاف العلمي باستخدام الذكاء الاصطناعي

1 دقيقة قراءة
مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وأدواته، هل ستُحدِث تطبيقاته ثورةً في العلوم التطبيقية؟ تطبيقات تستفيد من نماذج اللغة الكبيرة، والخوارزميات المتقدّمة، لتسريع عجلة الاكتشافات العلمية وأتمتة المهام الروتينية وتوليد فرضياتٍ جديدةٍ باستمرار.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وأدواته، هل ستُحدِث تطبيقاته ثورةً في العلوم التطبيقية؟ تطبيقات تستفيد من نماذج اللغة الكبيرة، والخوارزميات المتقدّمة، لتسريع عجلة الاكتشافات العلمية وأتمتة المهام الروتينية وتوليد فرضياتٍ جديدةٍ باستمرار.

من الأدوات الحجرية القديمة إلى العجائب المعمارية والاكتشافات العلمية والتطورات الصناعية عبر الحضارات، كان التقدم البشري دائماً مدفوعًا بأدواته. واليوم، يمثل صعود الذكاء الاصطناعي بداية عصر جديد سيحدث تحولاً في الصناعات ويوسّع الإمكانيات.

رغم الخطوات المذهلة في المجال التكنولوجيّ، يبدو أن وتيرة التقدم في العلوم التطبيقية تواجه تحديات في مواكبة التعقيد المتزايد للقضايا العالمية، مما يستدعي تكثيفاً للجهود والإنجازات. تُعزى هذه المفارقة إلى التعقيد المتزايد للمشكلات العلمية، فهي تتطلّب الكثير من النُّهُج متعددة التخصصات والأدوات المتطوّرة.

تتبنى العديد من المؤسسات الأكاديمية والبحثية معايير صارمة قد تبطئ وتيرة التقدم. وفي الوقت نفسه، يتطلب العلم التطبيقي مهارات وقدرات استثنائية، بل وحتى سمات سلوكية، لا تتوفر إلا لدى نسبة صغيرة من النخبة في كل مجال. بالإضافة إلى ذلك، هناك فجوة متزايدة بين المهارات التي كانت ضرورية سابقًا لتحقيق الإنجازات العلمية وتلك المطلوبة اليوم. فبينما يطور البعض هذه المهارات بمجهود شخصي، يواجه آخرون خطر فقدانها تمامًا بسبب قلة الممارسة وتغير المتطلبات.

تتجلى أبعاد هذه المفارقة بانتشار ثقافة “ضرورة النشر” في الأوساط الأكاديميّة، ما يحوّل الباحثين إلى عاملين في خطّ إنتاجٍ محمومٍ يجعل نشر الأبحاث وتسجيلَها هدفاً بحدّ ذاته، ويقلّص أهمية الأثر العلميّ ويقتل الإبداع.

وقد برزت شركة ديب ساينس فينشرز “Deep Science Ventures” لتقود مسعى رائداً يهدف لتغيير هذا الواقع باستخدام النماذج اللغوية الكبيرة، حيث رأت فيها إمكاناتٍ هائلة، لا سيما في ضوء الاعتراف الواسع الذي حظيت به مؤخراً.

قبل أكثر من عام، بدأت الشركة في تجربة أداة ذكاءٍ اصطناعيٍّ تُعرف باسم إيلمان “Elman”، وهي مصمّمةٌ لتحسين المهام المختلفة ضمن الشركة، حيث تستطيع خوارزمياتُها تحليل طلباتٍ وأوامر تفصيليةٍ وحيثيةٍ لأبعد الحدود، وتنفيذَها لتبسيط العمليات، فيمكنها مثلاً إيجاد المعلومات الأساسية المطلوبة من ضمن ملايين الأوراق خلال أقلّ من نصف دقيقة أو تحديد الأسباب الجذرية للمشكلات أو إجراء عمليات بحثٍ فورية.

من خلال التجارب المتتالية، اكتشف فريق عملِ الشركة أنّ هذه الطريقة يمكن أن تقلّل الوقت اللازم لتطوير مفهومٍ ما، من أشهر إلى أسابيع. وهذا يعتمد طبعاً على إجادة المستخدِم لمهارة طرح الأسئلة الصحيحة بصياغةٍ دقيقةٍ وفي الأوقات المناسبة، الأمر الذي يرتبط بالمهارات والمعارف ذات الصلة بمجال العمل نفسه.

طبعاً، لا يعني هذا تدريبَ نموذجٍ على الأوراق العلميّة ثم توجيهه ليصبح عبقري. فما يتطلّع إليه الفريق هو الارتقاء بكلِّ من هو نشطٌ في المجال البحثيّ، بحيث تتحوّل التكنولوجيا من أداةٍ إلى رفيق عمل يشارك الباحث في التفكير والاستدلال، مثلما تساعد تطبيقات مساعد الذكاء الاصطناعي الشخصي المصمّمين ومطوّري البرمجيات وغيرَهم.

كما أطلقت الشركة ما أسمته “دكتوراه في الاختراع العلمي”، وهي تستهدف علماء المستقبل وترمي إلى تطوير المهارات الأساسية في مرحلة مبكرة من مسار الابتكار.

الخطوة التالية ستكون الجمعَ بين البحث الحاسوبيّ والاستدلال الشبيه بالبشريّ، ويتطلب ذلك أساليب فعالة في المجالات المفتقرة إلى بيانات الاستدلال، فنماذج اللغة الكبيرة لا تستدلّ بالمعنى الحقيقيّ، بل ترسم خطاً من بيانات الاستدلال المتشابهة في بيانات التدريب الخاصة بها.

 كما ينبغي لهذه الأساليب أن تكون قادرةً على التعامل مع تعقيدات مشاكل العالم الحقيقي. وهذا ما تعمل الشركة على تحقيقه في نموذجها القائم على الاستدلال العلميّ التطبيقيّ عالي الجودة، حيث تُستخدم بياناتٌ استمرّ جمعُها سبعة أعوامٍ بحيث تستطيع تحويل 90% من المفهوم إلى نتائج واقعية.

وقد طُرِحَت هذه الفكرة في تجارب أخرى، مثل تطبيق ألفا تينزُر “AlphaTensor” من غوغل ديب مايند الذي أنتج خوارزميات جديدة، أو برنامج فَن سيرتش من غوغل الذي طوّر التجربة من خلال إدماج منهجية البحث الحاسوبي لإعادة كتابة البرامج التي تحلّ مسائل الرياضيات.

في جامعة ستانفورد مثلاً، استطاع فريق من المطوّرين إنشاء باحثٍ إلكترونيّ يعمل بالذكاء الاصطناعيّ بالكامل، وقد قدّم أداءً جيداً في التعامل مع المشكلات المعروفة، لكنّ أيّ تغييرٍ طفيفٍ في الصياغة أو الفرضيّة كان كفيلاً بجعله يفشل. ما يسلّط الضوء على تحدّي حساسية نماذج اللغة الكبيرة إزاء السياق والصياغة، وهي فجوةٌ كبيرة، لا سيما إذا ما قورِنَت بالإبداع البشريّ الذي ينطوي على بحثٍ “مقيَّدٍ” عبر فضاءٍ تجميعيٍّ واسعٍ جداً، بمعنى أنّ محاكاتِه تتطلّب أكثر بكثيرٍ من مجرد نماذج أساسيةٍ للغة. وقد رأت الشركة أنّ مقاربة هذا التحدّي قد تكون بالاستفادة من مفاهيم الحوسبة الأوسع نطاقاً، لعلّها توسّع آفاق البحث.

اليوم، ينصبّ تركيز شركة ديب ساينس على توسيع نطاق ابتكاراتها لتوليد استراتيجيات بعيدة المدى، ومعالجة مشكلاتٍ أكثر تعقيداً، وزيادة قاعدة المستخدمين، وإنشاء تجربة مستخدمٍ سلسةٍ تشجّع التفاعلات الآمنة متعدّدة التخصصات.

تريد الشركة لبرمجياتها أن تمارس وظائف موجَّهةً وتحسينيةً وقابلةً للتطبيق، وإثراءَ مجموعة البيانات الخاصة بها بمصادر التفكير العلميّ عالي الجودة. وفي الوقت نفسه، تهدف إلى تطوير عمليةٍ مرحليةٍ ومنهجٍ ومكتبة مهاراتٍ للاستدلال متعدد الخطوات. وهي، مثل غيرها من الرواد في هذا الاتجاه، تؤمن بأنّ هذا المسعى يستحقّ الاهتمام والجهد، وبأنّه سيقود في نهاية المطاف إلى تغيير مشهد الابتكار العالميّ.

المراجع:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

لعبة الاختلاف … ابتكارٌ في اليابان يوقظ الإبداع البشريّ في وجه الخوارزميات

في عالمٍ يتنامى فيه حضور الذكاء الاصطناعيّ باستمرار، تقف لعبة الاختلاف شاهداً على القوة الدائمة للإبداع والتعبير البشري، من خلال تشجيع الأفراد على التفكير خارج الصندوق والإبداع بطرائق لا يمكن للذكاء الاصطناعي تقليدُها. لا يسلّط هذا المشروعُ الضوءَ على قيود التكنولوجيا فحسب، بل ويحتفي بالجوهر البشريّ الذي لا يمكن الاستغناء عنه.

 · · 8 أكتوبر 2025

الناتج المحلي الإجمالي الجديد … أداة بيانات للرصد الحيّ لحالات عدم المساواة

تجربةٌ يرى فيها الخبراء القلبَ النابضَ للاقتصاد بصورةٍ مباشرة، فلا يفهمون مقدار نموّه فقط، بل ومَن يستفيد من هذا النموّ كذلك. هذا مشروعٌ أمريكيٌّ يزوّد صنّاع السياسات بالأدوات اللازمة لرصد الفوارق بين الناس ومعالجتها في الوقت الحقيقيّ، عبر ابتكارٍ رائدٍ يتحدّى المنهج التقليدي في قراءة المشهد الاقتصاديّ.

 · · 8 أكتوبر 2025

الذكاء الاصطناعي الدستوري التشاركي … مواءمة الذكاء الاصطناعي مع مُدخلات الجمهور

بعد أن ترسّخ الذكاء الاصطناعيّ عنصراً أساسياً في حياة البشر، عليه أن يتمثَّل مبادئهم. من هذه الفكرة، انطلق مشروع الذكاء الاصطناعيّ الدستوريّ التشاركيّ في أمريكا، ليوائمَ سلوك الذكاء الاصطناعيّ مع القيم المجتمعية.

 · · 21 أغسطس 2025

من السماء إلى التربة: خوارزميات التعلُّم الآليّ والأقمار الصناعية لتطوير الزراعة الأفريقية

إزاءَ التحدّيات المناخيّة والغذائيّة والديمغرافيّة المتصاعدة، أطلق برنامج حصاد أفريقيا التابع لوكالة ناسا، مشروعاً يهدف إلى تحسين الممارسات الزراعيّة عبر الاستفادة من البيانات الحيّة وصور الأقمار الصناعيّة.

 · · 21 أغسطس 2025

المستشعِرات الحيوية … البيولوجيا ترصد البيولوجيا

في سعي العلم الدائم وراء الدقة والمعرفة الأعمق، تبرز المستشعِرات الحيوية بوصفها أجهزةً تحليليةً متطوّرةً تجمع بين عناصر الاستشعار البيولوجية ومحوّلات الطاقة لرصد المواد وقياسها، فتبشِّر بتغيير قواعد اللعبة في مجالاتٍ كالرعاية الصحية والمراقبة البيئية وسلامة الأغذية.

 · · 18 يونيو 2025
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right