كيف يُستخدم الواقع المعزّز لتقديم تجارب أفضل في عدة مدن من العالم

كيف يُستخدم الواقع المعزّز لتقديم تجارب أفضل في عدة مدن من العالم

1 دقيقة قراءة
بعدما ابتكرت مخيّلة العلماء والمطورون الواقع المعزّز، بدأت مدن عديدةٌ باستخدام تطبيقاته لتعزيز السياحة وحماية إرثها الثقافيّ وحتى تخطيطِ مستقبلها. ففي دبلن وليتشفيلد وستيرلينغ، برمجت المجالس المحلية تطبيقاتٍ ذكيةً تستخدم الواقع المعزّز كدليلٍ سياحيٍّ للزوار، وفي زيورخ السويسرية صمّمت المدينة نظاراتٍ ذكيةً يمكن ارتداؤها أمام أرضٍ خاليةٍ لترسم صورةً ثلاثية الأبعاد للأبنية التي قد تقوم عليها مستقبلاً.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

بعدما ابتكرت مخيّلة العلماء والمطورون الواقع المعزّز، بدأت مدن عديدةٌ باستخدام تطبيقاته لتعزيز السياحة وحماية إرثها الثقافيّ وحتى تخطيطِ مستقبلها. ففي دبلن وليتشفيلد وستيرلينغ، برمجت المجالس المحلية تطبيقاتٍ ذكيةً تستخدم الواقع المعزّز كدليلٍ سياحيٍّ للزوار، وفي زيورخ السويسرية صمّمت المدينة نظاراتٍ ذكيةً يمكن ارتداؤها أمام أرضٍ خاليةٍ لترسم صورةً ثلاثية الأبعاد للأبنية التي قد تقوم عليها مستقبلاً.

إذا كان الواقع هو حالة الأشياء كما هي موجودة وكما يراها البشر فعلاً، والواقع الافتراضي هو فضاء تُترجَم فيه الأشياء المُتخيَّلة عبر معيناتٍ مُبرمَجةٍ ليبدو بصورٍ مرئية، فكيف سيكون الحال إذا جمعت التكنولوجيا الاثنين معاً؟ من هنا، وُلدت فكرة الواقع المُعزَّز، ليكون نسخةً تفاعليةً مُحسّنةً عن العالم الحقيقيّ، تُضاف إليه عناصر مرئية رقمية وأصوات ومحفِّزات حسيةٌ أخرى.

برزت فكرة إدخال الواقع المُعزَّز على الخدمات في وقتٍ تواجه فيه حكومات العالم ضغوطاً متزايدةً لتقديم خدماتٍ أكثر بموارد أقلّ، وبدأت تتعالى كذلك النداءات المطالِبة بدورٍ أكبرَ في عملية صنع القرار، وبشفافيةٍ حكوميةٍ أعلى. فكلّ الأنظمة التي تحدّد شكلَ الحياة المعاصر تزداد ذكاءً يوماً بعد يوم، بدءاً من الطرق وشبكات الطاقة وأنظمة المياه والصرف الصحيّ، مروراً بالأبنية والمرافق العامة وشبكات الاتصالات، وليس انتهاءً بالسيارات وحتى المنازل التي نسكنها، ما سبب ازدياداً هائلاً في أعداد مستخدمي التكنولوجيا. وبعد أن غيّرت جائحة كوفيد-19 الكثير، يمكن القول إنّ العديد من الناس قد أسّسوا حياةً قائمةً بذاتها عبر الإنترنت.

وهكذا اتجهت الدول لاستخدام تقنية الواقع المعزَّز الثوريةُ واعتمادها كجزء من الحل، خاصةً مع انتشار البنى التحتية الذكية وإنترنت الأشياء والشبكات ذات النطاق العريض والكمّ الهائل من البيانات الجغرافية المباشرة.

لإيضاح الأمر أكثر، يتّسم الواقع المعزّز بـ 3 عناصر رئيسية، أوّلُها مزيج العوالم الرقمية والمادية، ومن ثم التفاعلات الحية والمباشرة، وآخرُها التحديد الدقيق ثلاثيُّ الأبعاد للأشياء والموجودات، افتراضيةً كانت أو حقيقية. وقد قرّرت 4 مدنٍ شهيرة بثقلها التاريخيّ الاستفادة من هذه السمات.

أولى هذه المدن هي ستيرلينغ الإسكتلندية التي تطمح الآن لتكون أول مدينةٍ في العالم بواقعٍ معزّزٍ بالكامل. هدفٌ خصّص له مجلس المدينة 240 ألف دولارٍ أمريكيّ قدّمها برنامج الاستثمار المكانيّ الحكوميّ، حيث صمّم فريقٌ تقنيٌّ تطبيقاً للهواتف الذكية يتيح معلوماتٍ تفاعليةً ورسوماتٍ ونماذجَ ثلاثية الأبعاد للمعالم السياحية والمناطق ذات الطابع التاريخيّ والثقافيّ، لتقديم تجربةٍ غامرةٍ فريدةٍ من نوعها.

لا يقتصر التطبيق على المواقع السياحية، بل ويشمل المدينة ككل، فيجمع الواقعَين المُعزّزَ والمُختلط، ويتيح للمستخدمين ألعاباً تفاعليةً، حيث يكون وصولهم إلى مواقع الجذب بمثابة رحلة البحث عن الكنز، فيستكشفون الطرق ويتلقَّون المكافآت كلما اجتازوا مرحلةً جديدة. كما يقدّم التطبيق تجربةً سياحيةً افتراضيةً لأصحاب الهمم الذين لا يستطيعون زيارة المواقع الفعلية، كإطلالة قلعة المدينة التي يستدعي الوصولُ إليها صعودَ سلالم حلزونيةٍ ممتدة.

ولتحقيق الاستفادة القصوى من التمويل وجهود التطوير التكنولوجيّ، يخطّط مجلس المدينة لاستخدام هذه الأداة في تخطيط المدينة واستعراض الأبنية المختلفة، القائمة والمُقترح إنشاؤها، إلى جانب توظيف التطبيق للأغراض التعليمية.

يتشابه هذا مع ما تفعله مدينة زيورخ السويسرية، حيث طوّر قسم التخطيط الحضريّ أداةً مبتكرةً للتصور تستخدم الواقع المعزّز والنظارات الخاصة به، لترسمَ صوراً ثلاثية الأبعاد شبه شفافةٍ للأبنية والمرافق والبنى التحتية المستقبلية فوق الأرض وتحتها. وقد تحوّلت هذه الأداة إلى جزءٍ من دراسات التخطيط والمسابقات المعمارية ومشاريع الهندسة المدنية وعمليات البناء والصيانة وحتى علم الآثار.

وفي مدينة ليتشفيلد الإنجليزية أيضاً، أطلق مجلس المدينة تطبيق “المسافرين عبر الزمن”، الذي يقدّم للزوار رواياتٍ تاريخيةً قائمةً على الواقع المعزّز. يقسم التطبيق الحُقَب التاريخية التي توالت على المدينة إلى 12 بوابة، وفي كلّ منطقة يعبر المستخدم إحدى البوابات ليظهر إسقاطٌ افتراضيٌّ لشخصيةٍ برزت عبر تاريخ المدينة، قد تكون من سياسيّيها أو شعرائها أو علمائها، لتقصَّ عليه حكاية المكان، ومع كلّ شارعٍ يجتازه المستخدم، يحصل على مكافآتٍ تشجعه على استكشاف المزيد.

أما مجلس مدينة دبلن الإيرلندية، فتعاون مع الهيئة الوطنية لتطوير السياحة، والمعروفة باسم “فاليتي” التي تعني “أهلاً وسهلاً”، لتنضمّ إليهما شركةٌ متخصّصة في التكنولوجيا عملت على تطوير برنامجٍ هو الأول في سلسلةٍ من مسارات الاكتشاف الغامرة التي تستخدم الواقع المُعزّز.

يحمل هذا البرنامج اسمَ “أبواب دوكس لاندز”، وهي منطقة عريقة تتضمّن معالمَ سياحيةً شهيرة. ولا يحتاج المستخدم لأكثر من اتصالٍ بالإنترنت، أياً كان نوعُه، ومن ثم الاستغناء عنه وتوفير تكلفته ما أن يقوم بتحميل المحتوى الأوليّ بما فيه الخريطة المُمَكَّنة جغرافياً. يستخدم البرنامج نظام تحديد المواقع العالميّ ليرشد السياح في جولاتٍ يقطعونها سيراً، وكلّما توقّفوا أمام تمثال، قدّم لهم البرنامج ملخّصاً لقصته، وكلَما مروا بمنطقة، يمكنهم سماع سردٍ عن أهميتها بلسان راوٍ يجسّد شخصيةً تاريخيةً أو مرشداً سياحياً افتراضياً.

تطمح سلطات دبلن، كسابقاتِها، إلى ضخّ دماء جديدةٍ في مناطقها ذات الثقل التاريخيّ لجذب الزوار إليها بطرائق مختلفة، ولتعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية، ووضع حجر الأساس في استراتيجية الدولة صوب السياحة الذكية.

وتتّسع الآفاق أمام تقنيات الواقع المعزّز، فهو يزيد فرص التفاعل ويقدّم رؤى جديدةً عن المحيط المادّي والمواقع السياحية المتنوّعة وشبكات النقل وغيرها.

ما يفعله هذا الواقع ببساطة هو أنّه يحوّل المساحات الحضرية المعقّدة إلى تجربةٍ يسهل التعامل معها للمواطنين والزوار.

المراجع:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

لعبة الاختلاف … ابتكارٌ في اليابان يوقظ الإبداع البشريّ في وجه الخوارزميات

في عالمٍ يتنامى فيه حضور الذكاء الاصطناعيّ باستمرار، تقف لعبة الاختلاف شاهداً على القوة الدائمة للإبداع والتعبير البشري، من خلال تشجيع الأفراد على التفكير خارج الصندوق والإبداع بطرائق لا يمكن للذكاء الاصطناعي تقليدُها. لا يسلّط هذا المشروعُ الضوءَ على قيود التكنولوجيا فحسب، بل ويحتفي بالجوهر البشريّ الذي لا يمكن الاستغناء عنه.

 · · 8 أكتوبر 2025

الناتج المحلي الإجمالي الجديد … أداة بيانات للرصد الحيّ لحالات عدم المساواة

تجربةٌ يرى فيها الخبراء القلبَ النابضَ للاقتصاد بصورةٍ مباشرة، فلا يفهمون مقدار نموّه فقط، بل ومَن يستفيد من هذا النموّ كذلك. هذا مشروعٌ أمريكيٌّ يزوّد صنّاع السياسات بالأدوات اللازمة لرصد الفوارق بين الناس ومعالجتها في الوقت الحقيقيّ، عبر ابتكارٍ رائدٍ يتحدّى المنهج التقليدي في قراءة المشهد الاقتصاديّ.

 · · 8 أكتوبر 2025

تسريع الاكتشاف العلمي باستخدام الذكاء الاصطناعي

مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وأدواته، هل ستُحدِث تطبيقاته ثورةً في العلوم التطبيقية؟ تطبيقات تستفيد من نماذج اللغة الكبيرة، والخوارزميات المتقدّمة، لتسريع عجلة الاكتشافات العلمية وأتمتة المهام الروتينية وتوليد فرضياتٍ جديدةٍ باستمرار.

 · · 21 أغسطس 2025

الذكاء الاصطناعي الدستوري التشاركي … مواءمة الذكاء الاصطناعي مع مُدخلات الجمهور

بعد أن ترسّخ الذكاء الاصطناعيّ عنصراً أساسياً في حياة البشر، عليه أن يتمثَّل مبادئهم. من هذه الفكرة، انطلق مشروع الذكاء الاصطناعيّ الدستوريّ التشاركيّ في أمريكا، ليوائمَ سلوك الذكاء الاصطناعيّ مع القيم المجتمعية.

 · · 21 أغسطس 2025

من السماء إلى التربة: خوارزميات التعلُّم الآليّ والأقمار الصناعية لتطوير الزراعة الأفريقية

إزاءَ التحدّيات المناخيّة والغذائيّة والديمغرافيّة المتصاعدة، أطلق برنامج حصاد أفريقيا التابع لوكالة ناسا، مشروعاً يهدف إلى تحسين الممارسات الزراعيّة عبر الاستفادة من البيانات الحيّة وصور الأقمار الصناعيّة.

 · · 21 أغسطس 2025
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right