خطة لتدريب أكثر من 3 ملايين موظف مدني في الهند على مهارات القرن

خطة لتدريب أكثر من 3 ملايين موظف مدني في الهند على مهارات القرن

1 دقيقة قراءة
سعياً لترشيد السياسة العامة، بدأت الحكومة الهندية رحلةً لبناء قدرات القوى العاملة، بتأسيس لجنةٍ مختصةٍ ومنصةٍ إلكترونيةٍ تتيح لكلِّ كيانٍ حكوميّ تحديدَ أولوياتِه واحتياجاتِه وتصميم التدريبات بناءً عليها.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

سعياً لترشيد السياسة العامة، بدأت الحكومة الهندية رحلةً لبناء قدرات القوى العاملة، بتأسيس لجنةٍ مختصةٍ ومنصةٍ إلكترونيةٍ تتيح لكلِّ كيانٍ حكوميّ تحديدَ أولوياتِه واحتياجاتِه وتصميم التدريبات بناءً عليها.

تعمل الكيانات الحكومية في ظلّ متغيِّرات داخلية وخارجية متشابكة ومعقّدة، ما يملي عليها العمل للتكيّف مع الحدث وصياغة مفاهيم إدارية جديدة لمواكبة العصر وتطوير الأداء الحكوميّ الذي يمثّل الحصيلة الإجمالية لأداء الموظّفين.

في الهند، تقدّم الحكومة خدماتها لثاني أكبر تعدادٍ سكانيٍّ في العالم عبر 60 وزارةً تتبعُ لها 93 إدارةً و2600 منظّمة يعمل فيها أكثر من 3 ملايين موظّف، 10% منهم فقط يتلقَّون تدريبات منتظمة، في غياب إطارٍ فعّالٍ لتدريب الجميع. واقعُ الأمر أنّ موظّفي الخدمات المدنية يفتقرون عموماً للمهارات، لا سيما تلك المتعلقة بالتكنولوجيا الحديثة التي باتت جزءاً أساسياً من عمل الحكومات حول العالم، كما أنّ معظمَ الموظّفين في المستويات الهَرَمية العليا يتلقّون التدريبات كلّ 5 أو حتى 10 سنوات، ما يُفقِدُها جدواها.

في الربع الثالث من العام 2020، وسعياً لتغيير طريقة المؤسسات الحكومية في بناء قدرات طواقمها، أطلق مجلس الوزراء الاتحاديّ البرنامج الوطنيّ لبناء قدرات الخدمات المدنية، ليؤسِّسَ في العام التالي لجنة بناء القدرات لرسم تصوُّرٍ جديدٍ للعلاقة الخَدَمية بين الحكومة والمواطنين.

ستعمل اللجنة مع 93 هيئة حكومية مركزية وأكثر من 800 مؤسسة تدريبية في مختلف أنحاء الهند لتدريب طواقم الحكومة المركزية، وستتولى مجموعة من المهام مثل التنسيق مع الإدارات والمنظّمات والكيانات الحكومية ليكون بناء القدرات عمليةً موحّدةً ومتّسقة، وإعداد تقارير الموارد البشرية السنوية التي تقيِّم جودة الخدمات المدنية وحجم الإنجاز المُحقّقَ في مسعى بناء القدرات. ومن ثم تقديم المعلومات لإدارة شؤون الموظفين والتدريب لأغراض الرقابة البرلمانية وتحديد مدى الالتزام بمعايير المراقب المالي والمراجع العام، وهو الهيئة الهندية المسؤولة عن مراجعة جميع الإيصالات والنفقات من الحكومة المركزية وحكومات الولايات. وإلى جانب تعزيز الحوكمة، ستقدّم اللجنة العونَ لمجلس الموارد البشرية العامة التابع لرئاسة مجلس الوزراء في تصميم الخطط السنوية لبناء القدرات، وستخرج بتوصياتٍ تحدّد معاييرَ هذه العمليات ومنهجياتِها.

يمكن القول إنّ اللجنة اختارت مقاربةً مختلفةً في بناء القدرات، ووجدت أنّ المهارات والخبرات التي تُمنح للموظفين المدنيين ينبغي ألّا تُفنَّد في قالبٍ جامدٍ من الأهم إلى الأقلّ أهمية، بل أن تكون قابلةً للتغيير والتعديل وفقاً لاحتياجات كلّ وزارة بعد أن تقرّرَ أولوياتِها وأهدافَها، وتحدّدَ الكفاءات التي تمتلكها، والأهمّ، تلك التي تحتاجُها لبلوغ أهدافها. وبناءً على هذا، ستقدّم اللجنة المشورةَ لتخطيط بناء القدرات وتطوير البرامج التدريبية أو شرائها وفق 3 معايير رئيسية، في مقدِّمتها الأولوياتُ الوطنية، إذ ينبغي أن يكون الموظّفون المدنيون واعين بهذه الأولويات ومستعدّين للعمل من أجل تحقيقِها. بعدئذٍ، يأتي تبنّي نهجٍ محورُه المواطن، وأخيراً، مدى كفاءة الموظّفين في التعامل مع التكنولوجيا.

لقياس أداء الوزارات وفقاً لهذه المعايير، تدرس اللجنة بناءَ القدرات على 3 مستويات، أوَّلُها فرديّ، فتحدّد المعارف والمهارات والسلوكيات التي يجب أن يكتسبها الموظّفون، وثانيها منظّماتيّ، حيث ترصد اللجنة القواعد والإجراءات التي قد تعوق تقديم الخدمة، وأخيراً، يأتي المستوى المؤسساتي، وهنا، تبحث اللجنة سبل إنشاء بيئةٍ تتيح للموظفين تنمية قدراتهم وتحسين أدائهم.

لتبسيط الأمر، تعمل اللجنة على إيجاد نقطة التقاء العرض بالطلب، فتبني فهماً واضحاً للاحتياجات التدريبية، ثم تتواصل مع مؤسسات التدريب المحلية التي يفوق عددُها 750 مؤسسة، والتي تنتشر في أنحاء البلاد، للخروج بمحتوى تدريبي عالي الجودة. وأخيراً، تنظّم المؤتمر العالميّ للخدمة المدنية لتشاركَ ما توصّلت إليه.

كما أنشأت اللجنة “منصة التدريب المتكامل عبر الإنترنت”، التي تخزِّن البرامج التدريبية كافةً وتقدّمها ضمن ساعاتٍ تعليميةٍ مرنةٍ تراعي متطلبات العمل والحياة، وتتيح لكلّ وزارة أو مؤسسة المساهمة بتدريباتِها لتستفيد منها الكيانات الأخرى، كتجربة إدارة السكك الحديدية التي ستقدّم تدريباً لأكثر من 100 ألف موظّف حول “نهج التركيز على المواطن”، وستشاركه مع مؤسسة البريد التي تشغِّل العددَ نفسَه من الموظّفين وتحتاج لتزويدهم بالخبرة في التعامل المباشر مع المواطنين.

ستقسِّم المنصة التدريبات بحسب الفئات الوظيفية، وستؤسس نماذج تدريبية أكثر استقراراً لموظّفي المستويات العليا وتزوِّدهم ببرامج المراقبة والتخطيط، كما ستتيح خيار التعلّم الذاتيّ لبعض الدورات التدريبية بحسب محتواها ونوعها، في حين سيبقى البعض الآخر شخصياً، كالتدريبات التي تركّز على تعديل السلوك.

كما تعمل اللجنة على تطوير نموذج تقييم لنتائج التدريبات عقب انتهائها مباشرةً، ثم بعد مضيّ 6 أشهر، لقياس التغييرات الواقعية في تقديم الخدمات للمواطنين. وسيكون على كلِّ وزارةٍ تطوير طرائق لاختبار الكفاءات التي تحتاجها.

قياساً إلى حجم التدريبات اللازمة، لا بدّ من فهمٍ عميقٍ للاحتياجات، وإلّا، فستذهب كلّ هذه الجهود سدى. ولعلّ هذا أبرز التحديات التي ستواجه اللجنة، كما سيكون تأمين التمويل تحدياً جدّياً يتطلّب إيجاد المانحين وإقامة شراكاتٍ وثيقةٍ مع الأطراف الفاعلة في القطاعين الحكوميّ والخاص، حيث تأمل السلطات أنّ هذه الجهود ستقود إلى تحسين الخدمات ونوعية الحياة وتنمية الاقتصاد عبرَ حكومة أكثر فاعلية وموثوقية.

المراجع:

https://apolitical.co/solution-articles/en/inside-indias-plan-to-train-3-1-million-21st-century-civil-servants

https://cbc.gov.in/

https://www.thehindu.com/news/national/centre-embarks-on-major-reform-drive-in-bureaucracy-and-civil-services/article34225484.ece

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

إعادة تصميم الراحة: زيٌّ موحّدٌ جديدٌ للبحّارة الأنثى

في البحرية الأمريكية، إحدى أكثر بيئات العمل تطلّباً للدقة والكفاءة، رصدت الإدارة شعور العاملات بالتقييد في الزيّ الرسميّ الموحّد، فشرعت في مهمة طموحةٍ لإعادة تصميمه وفق نهجٍ مبتكرٍ مدفوعٍ بالشمولية والبيانات، بحيث يلائم احتياجاتهنّ وطبيعة مهامهنّ ويبقى شعاراً للاحترافية والهوية والوحدة.

 · · 8 أكتوبر 2025

مطعم الطلبات الخاطئة … أفكار مثيرة للجدل حول الخَرَف في اليابان

في قلب طوكيو، افتتحُ مبتكِرون مطعماً يُسمح فيه للنادل بأن يقدّم للزبائن أطباقاً غير التي طلبوها، بل وتلاقي هفوتُه هذه الترحابَ وتُقابَل بالضحكات، لأنّ هذا النادل هو مسنٌّ يعمل في "مطعم الطلبات الخاطئة"، الذي يطلق مفهوماً ثورياً ويتحدّى الأعراف المجتمعية، ويعزّز فهم المجتمع للخَرَف وتقبُّلَه له من خلال تجربة طعامٍ قلّ نظيرُها.

 · · 23 سبتمبر 2025

كيف تساعد التكنولوجيا في تتبّع رسوم الجدران للحدّ من جرائم الكراهية في كندا

في عصرِ الفنّ الحرّ، يمكن للمنتَجِ الإبداعيّ أن يكون ملهِماً للسلام أو رمزاً للتعصّب. وفي كندا التي تفاخرُ العالمَ بتنوّعها، لا يمكن السماح للكراهية بالتمدّد، وإن كانت ضمن إطارٍ فنيّ. لهذا، أطلقت مدينة إدمنتون مبادرةَ "المنارة" التي تسخّر قوة التكنولوجيا لرصد أيّة تعبيراتٍ عن الكراهية والحدّ منها.

 · · 23 سبتمبر 2025

القصص لرصد منجزات التنمية البشرية في الهند

قامت وكالة رصد الفقر والتنمية البشرية الهندية بتغيير وسائل جمع البيانات، لتبني فهماً حقيقياً عن حياة الناس الذين يقفون خلفها، فتجمع القصص والدلائل البصرية وتحلل البيانات وتوحّد أصحاب المصلحة، لتؤسس نهجاً جديداً في التنمية البشرية.

 · · 23 سبتمبر 2025

الأسلوب المرن … تصوّرٌ جديدٌ للخدمات الحكومية

لأنّ الخدمات الحكومية أعقدُ بكثيرٍ مما تبدو، قررت مدينة "غيتسهيد" الإنجليزية خوض تجربة جريئة تضع العلاقات والتفاهم الإنساني في الصدارة، بدلاً من التركيز على الكفاءة التقليدية. وقد أطلقت على تحولها الجذري هذا اسم "الأسلوب المرن".

 · · 9 سبتمبر 2025
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right