توظيف الذكاء الاصطناعي لحماية النمور البيضاء من الانقراض في الصين

توظيف الذكاء الاصطناعي لحماية النمور البيضاء من الانقراض في الصين

1 دقيقة قراءة
يعدّ النمر الأبيض من الحيوانات المعرضة للانقراض وفق تصنيفات الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة ومواردها، وتقع عملية حمايته على قائمة أولويات حماية الحياة البرية على المستوى الوطني في الصين، حيث يقدر عددها بنحو 2,000 نمر تتواجد غالبيتها في جبال محمية "كيليان" الطبيعية والواقعة في مقاطعة جانسو، شمال غربي الصين. وهي تشكل ما يقارب نصف عدد النمور البيضاء المتبقية في البرية والمتواجدة في بعض الدول المجاورة للصين في وسط وجنوب آسيا.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

تطمح الصين في أن تكون من أكثر دول العالم تقدماً في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي في شتى المجالات، وكان من آخر مبادراتها تطبيق هذه التقنيات في مجال حماية النمر الأبيض المهدد بالانقراض في مقاطعة “جانسو” من خلال العمل على تحويل عمليات الرصد والتعقب التقليدية المحفوفة بالتحديات إلى عمليات ذكية فائقة السرعة والدقة والكفاءة.

يعدّ النمر الأبيض من الحيوانات المعرضة للانقراض وفق تصنيفات الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة ومواردها، وتقع عملية حمايته على قائمة أولويات حماية الحياة البرية على المستوى الوطني في الصين، حيث يقدر عددها بنحو 2,000 نمر تتواجد غالبيتها في جبال محمية “كيليان” الطبيعية والواقعة في مقاطعة جانسو، شمال غربي الصين. وهي تشكل ما يقارب نصف عدد النمور البيضاء المتبقية في البرية والمتواجدة في بعض الدول المجاورة للصين في وسط وجنوب آسيا. 

تنتشر النمور البيضاء في مناطق صخرية جرداء تمتد على مساحات شاسعة ووعرة، ما يمثل بيئة مثالية لتلك النمور، حيث يصعب مشاهدتها، خاصة أن فروها مموه وشبيه بالبيئة المحيطة بها. ولكن على الرغم من وجود ما يزيد عن 200 كاميرا فيديو تعمل بالأشعة تحت الحمراء، مزودة بأجهزة استشعار في مناطق تواجد تلك النمور، لرصد حركتها على مدار الساعة، فإن مراجعة مئات آلاف مقاطع الفيديو والصور التي تنتج كل ربع عام بحثاً عن المشاهد التي تظهر فيها النمور البيضاء هي تحدٍّ كبير بحد ذاتها. فهي تتطلب أسابيعاً طويلة من العمل المرهق من قبل موظفي المحمية الذين يراجعون تلك المقاطع بشكل تفصيلي ليحددوا مشاهدات النمور البيضاء. هذا فضلاً عن الأخطاء البشرية التي قد تحدث، والفترة الزمنية الطويلة التي تمضي منذ التقاط المقاطع إلى حين تحديد محتواها. 

يوضح مسؤولو المحمية أن جزءاً كبيراً من مقاطع الفيديو التي تتم مراجعتها تكون خالية من أي محتوى مفيد، ذلك لأن الكاميرات تسجل كلّ حركة أمام العدسة وإن كانت صغيرة، مثل حركة الحشائش بفعل الرياح؛ وأن نسبة مقاطع الفيديو التي يتم فيها بالفعل التقاط صور للنمر الأبيض قليلة. 

لكن عملية الرصد هذه قد تغيرت بشكل جذري في محمية “كيليان” بعد ربط الكاميرات بنظام قائم على الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع شركة “تنسينت” الصينية (Tencent) متعددة الجنسيات والمتخصصة بالتكنولوجيا وتقنيات الإنترنت، بالشراكة مع الصندوق العالمي للحياة البرية (World Wildlife Fund) ومؤسسة “وان بلانيت” (One Planet Foundation). 

وبفضل إمكانات تحليل البيانات المرئية الضخمة والتعلم الآلي التي وفرتها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لمحمية “كيليان”، أصبح بإمكان الموظف البحث مثلاً في 1,000 صورة وأن يحدد تلك التي تحتوي على لقطات للنمر الأبيض خلال فترة تقارب 20 دقيقة فقط، ما يمثل فرقاً شاسعاً عما كان الحال عليه سابقاً. كما يساعد الذكاء الاصطناعي الباحثين في المحمية على تكوين صورة دقيقة ومحدثة عن أعداد وأماكن تواجد وتنقّل تلك النمور، وأنواع المخاطر التي تهدد بقائها، فضلاً عن دراستها بشكل وافٍ. 

يعتمد نظام الذكاء الاصطناعي في المحمية على خوارزمية تم تطويرها باستخدام عدد من التقنيات الحديثة والمتعلقة بالتعلم الآلي من خلال التغذية المستمرة للخوارزميات بالبيانات. ولا تمكّن هذه الخوارزمية النظام من تحديد مواقع النمر الأبيض فقط، بل أيضاً التعرف على جميع الفصائل الحيوانية الأخرى الموجودة في المحمية، والتي تضم فصائل نادرة أو أخرى معرضة للانقراض. ويشير الفريق القائم على المشروع إلى أن الجمع بين بيانات الرصد الصادرة عن النظام الذكي والرحلات الميدانية التفقدية ستساعد الباحثين على وضع خطط واضحة ومفصلة لحماية جميع الفصائل الحيوانية، والحفاظ على التوازن الطبيعي بينها في النظام البيئي للمحمية. وللنمر الأبيض دور كبير في الحفاظ على هذا التوازن، حيث تمثل أعداده مؤشراً رئيسياً على عافية المحمية ككل. 

وعلى صعيد آخر، سيساعد النظام الذكي على الكشف المبكر عن محاولات الصيد الجائر أو غير المشروع. فثمن جلد النمر الأبيض في السوق السوداء في المدن المزدهرة في الصين يبلغ آلاف الدولارات، وعظامه تعد بديلاً لعظام النمر ذي اللون البرتقالي باهظ الثمن والمستخدمة في الطب الصيني التقليدي، أما شبل النمر الأبيض فيمكن أن يباع إلى حدائق الحيوان العامة أو الخاصة بنحو 20 ألف دولار. 

يذكر أن الصين تطمح لأن تكون الدولة الأولى في العالم في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي بحلول العام 2030، ويُقدّر حجم إنفاق الحكومة المركزية والحكومات المحلية بعشرات المليارات من الدولارات. وتبنت الصين، التي ترى في الذكاء الاصطناعي وسيلة لرفع مستوى الإنتاجية الوطنية، نهجاً متسارع الخطى يهدف إلى إيجاد حلول عملية مبنية على التكنولوجيا لمختلف التحديات على أرض الواقع. وقد أحرزت تقدماً ملحوظاً في عدد من المجالات، خاصة في قطاعي التعليم والرعاية الصحية. وتعمل بدورها الحكومات المحلية في مختلف مقاطعات الصين على تعزيز توجه الحكومة المركزية من خلال عقد شراكات متعددة القطاعات مع المؤسسات البحثية وشركات التكنولوجيا لخلق بيئة نشطة تحفز على تبني الذكاء الاصطناعي والابتكار التكنولوجي، وتعجّل بخطى البحث والتطوير.

وفي ظل النمو المتسارع لقطاع الذكاء الاصطناعي، أصدرت وزارة العلوم والتكنولوجيا في الصين مدونة للقواعد الأخلاقية التي يجب مراعاتها عند العمل على نماذج وتطبيقات الذكاء الاصطناعي القائمة والمستقبلية؛ وهي تركز بشكل خاص على أهمية أن يكون القرار النهائي في مختلف الشؤون دائماً بيد الإنسان وليس الآلة، وأن يمتلك الإنسان الصلاحية المطلقة بقبول أو رفض خدمات نظام الذكاء الاصطناعي في أي وقت من الأوقات. 

 المراجع:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

لعبة الاختلاف … ابتكارٌ في اليابان يوقظ الإبداع البشريّ في وجه الخوارزميات

في عالمٍ يتنامى فيه حضور الذكاء الاصطناعيّ باستمرار، تقف لعبة الاختلاف شاهداً على القوة الدائمة للإبداع والتعبير البشري، من خلال تشجيع الأفراد على التفكير خارج الصندوق والإبداع بطرائق لا يمكن للذكاء الاصطناعي تقليدُها. لا يسلّط هذا المشروعُ الضوءَ على قيود التكنولوجيا فحسب، بل ويحتفي بالجوهر البشريّ الذي لا يمكن الاستغناء عنه.

 · · 8 أكتوبر 2025

الناتج المحلي الإجمالي الجديد … أداة بيانات للرصد الحيّ لحالات عدم المساواة

تجربةٌ يرى فيها الخبراء القلبَ النابضَ للاقتصاد بصورةٍ مباشرة، فلا يفهمون مقدار نموّه فقط، بل ومَن يستفيد من هذا النموّ كذلك. هذا مشروعٌ أمريكيٌّ يزوّد صنّاع السياسات بالأدوات اللازمة لرصد الفوارق بين الناس ومعالجتها في الوقت الحقيقيّ، عبر ابتكارٍ رائدٍ يتحدّى المنهج التقليدي في قراءة المشهد الاقتصاديّ.

 · · 8 أكتوبر 2025

تسريع الاكتشاف العلمي باستخدام الذكاء الاصطناعي

مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وأدواته، هل ستُحدِث تطبيقاته ثورةً في العلوم التطبيقية؟ تطبيقات تستفيد من نماذج اللغة الكبيرة، والخوارزميات المتقدّمة، لتسريع عجلة الاكتشافات العلمية وأتمتة المهام الروتينية وتوليد فرضياتٍ جديدةٍ باستمرار.

 · · 21 أغسطس 2025

الذكاء الاصطناعي الدستوري التشاركي … مواءمة الذكاء الاصطناعي مع مُدخلات الجمهور

بعد أن ترسّخ الذكاء الاصطناعيّ عنصراً أساسياً في حياة البشر، عليه أن يتمثَّل مبادئهم. من هذه الفكرة، انطلق مشروع الذكاء الاصطناعيّ الدستوريّ التشاركيّ في أمريكا، ليوائمَ سلوك الذكاء الاصطناعيّ مع القيم المجتمعية.

 · · 21 أغسطس 2025

من السماء إلى التربة: خوارزميات التعلُّم الآليّ والأقمار الصناعية لتطوير الزراعة الأفريقية

إزاءَ التحدّيات المناخيّة والغذائيّة والديمغرافيّة المتصاعدة، أطلق برنامج حصاد أفريقيا التابع لوكالة ناسا، مشروعاً يهدف إلى تحسين الممارسات الزراعيّة عبر الاستفادة من البيانات الحيّة وصور الأقمار الصناعيّة.

 · · 21 أغسطس 2025
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right