توربينات رياح تحصد طاقة الأعاصير في الصين

توربينات رياح تحصد طاقة الأعاصير في الصين

1 دقيقة قراءة
ابتكرت مجموعة مينج يانج الصينية تقنيةً متطوِّرةً تمكنها من تسخير أكثر ظواهر الطبيعة قسوةً لتوليد طاقةٍ نظيفةٍ ومتجددة، وهي منصّة توربيناتٍ متمركزة في المياه العميقة تحوِّل طاقة الرياح البحريّة إلى كهرباء حتى أثناء الأعاصير الشديدة.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

ابتكرت مجموعة مينج يانج الصينية تقنيةً متطوِّرةً تمكنها من تسخير أكثر ظواهر الطبيعة قسوةً لتوليد طاقةٍ نظيفةٍ ومتجددة، وهي منصّة توربيناتٍ متمركزة في المياه العميقة تحوِّل طاقة الرياح البحريّة إلى كهرباء حتى أثناء الأعاصير الشديدة.

من أعماق المحيطات إلى الفضاء الشاسع، تبحث الدول باستمرارٍ عن فرصٍ جديدةٍ لدفع عجلة التقدُّم والابتكار قُدُماً، وربما حانت اللحظة المناسبة للبحث عن الإمكانيات الجديدة في التحدّيات نفسها.

فمع تزايد تهديدات قوى الطبيعة وتنامي الطلب على مصادر الطاقة المتجدّدة، تعجز الوسائل المتاحة أمامَ تواتر الظواهر الجوية القاسية وشدَّتِها، وغالباً ما تتوقف توربينات الرياح التقليدية، على سبيل المثال، عن العمل أثناء العواصف والأعاصير، ما يحدُّ من كفاءتها وموثوقيتها. وهذا ينطبق خصوصاً على الأنواع البحرية ويقف عائقاً في وجه توسُّعها، فهي لا تشكِّل سوى جزءٍ يسيرٍ من منظومة طاقة الرياح العالمية، مع أنّ الرياح البحرية أسرع وأكثر ثباتاً. لكنّ ارتفاع تكاليف البناء الأولية لهذه المنصات يقيِّدُها، فكان لا بد إذن من منصاتٍ مقاومةٍ للظروف القاسية، بل وقادرةٍ على الاستفادة منها.

هذا ما حقَّقته منصّة “أوشِن إكس” التي طوَّرتها مجموعة مينج يانج الصينية لطاقة الرياح، وهي أكبر شركة خاصة لتصنيع توربينات الرياح في الصين، بالتعاون مع شركة بناء السفن الحكومية الصينية.

يُعَدُّ تصميم المنصة انجازاً هندسياً، حيث تتميّز بالخرسانة فائقة الأداء وبنظامٍ مدعومٍ بالكابلات لتحقيق الكفاءة الهيكلية والقدرة على التكيُّف، وكابلاتٍ متصلةٍ بثلاثة أذرع عائمة توفِّر مزيداً من الثبات، إلى جانب تكوينٍ خاصٍ للتوربينات المزدوجة على شكل حرف “Y”. مجتمعةً، تضمن هذه العناصر الاستقرار والكفاءة في المياه التي يزيد عمقها عن 35 متراً، وتتحمل الأمواج التي يصل ارتفاعُها إلى 30 متراً، الأمر الذي يسمح للمنصة بتسخير طاقة الرياح حتى في الظروف التي قد تفشل فيها التوربينات التقليدية، مثل التعامل مع الأعاصير من الدرجة الخامسة أو رياحٍ تصلُ سرعتُها إلى 260 كيلومترٍ في الساعة.

يشتمل نظام توربينات “أوشِن إكس” على مرساة أحادية النقطة لتحقيق الاستقرار أثناء الأعاصير القوية، ومنصة مزدوجة التوربينات بقدرة 16.6 ميغاواط. يحتوي الهيكل على دوّارتين متعاكستين بشفرات كبيرة تصل أقطارُها إلى 182 متراً، الأمر الذي يحسن من قدرتها على التقاط الرياح ويزيد من كفاءتها.

يتضمن النظام سلالم ومصاعد لتسهيل الحركة والوصول، كما أنّ المنصّة معززةٌ بكابلات عالية التوتر ومثبّتةٌ على منصّةٍ عائمةٍ تزن حوالي 16,500 طن ومزوَّدةٌ بتوربيناتٍ تدور بالاتجاه المعاكس، فتحافظ على توازن القوى.

رغم تصميمها المبتكر، تنتظر المنصة عدّة تحديات، فالآلات التي تتجاوزُ قدراتُها 8 ميغاواط قد تواجه تعطُّل مكوِّناتها في غضون عامين من التركيب، ما يعني أنّ عمرها الافتراضيّ يعادل نصفَ نظيراتها التي تتراوح قدرتُها بين 4 إلى 8 ميغاواط. وهذا تحدٍّ كبيرٌ بالنظر إلى تكلفة بنائها المرتفعة، ومخاطر التصادم مع السفن أو النشاط الزلزاليّ أو عيوب التصنيع، فأيٌّ منها كفيلٌ بفصل هذه الهياكل الضخمة عن مراسيها وزيادة التكلفة أكثر.

بالإضافة إلى ما سبق، تفرض منصات الرياح البحرية مخاطر بيئية وتهدد التنوع البيولوجي، حيث تُثَبَّت التوربينات العائمة في قاع البحر. وهناك، يمكن أن تتشابك مع الحطام البحري، فتشكِّل عائقاً تعلق فيه الكائنات البحريّة، ضمن ظاهرةٍ تُعرَف بـ “التشابك الثانويّ”.

من ناحيةٍ أخرى، من شأن الضوضاء وزيادة حركة مرور السفن وغيرها من عوامل التشويش المرتبطة بمنصّات الرياح هذه، أن ترغمَ الكائنات البحريّة على الهجرة بعيداً عن موائلها الأساسية، ما قد يُخِلُّ بالتوازن البيئيّ للمحيطات.

كما أنّ أداء “أوشِن إكس” في العالم الحقيقيّ لم يخضع للدراسة الشاملة بعد. وتتضمّن الاختبارات وصل “المحفِّزات” بالشفرات لمحاكاة الإجهاد المتكرر، وثنيها وصولاً إلى نقطة الانكسار لتحديد قدرة التحميل القصوى. ورغم التصاميم المتقدّمة، غالباً ما توقَف التوربينات عن العمل عند سرعاتٍ أقلّ مما صُمِّمَت لتحمُّله لدواعي السلامة. وعليه، ما تزال معاييرُ أداءِ “أوشِن إكس غيرَ واضحةٍ أو غير محدّدة، كالقدرة على الصمود والكفاءة والمتانة والعمر الافتراضيّ.

يبقى أن ينكشف ما إذا كانت تحسينات تصميم “أوشِن إكس” ستقلّل على نحوٍ فعّالٍ من احتمالية حدوث الأعطال، وما إذا كان فريقُها سينجح في مقاربة هذه التحدّيات.

إذا حدثَ ذلك، فمشروع “أوشِن إكس” يَعِدُ بتسخير الرياح والأعاصير لتوليد الطاقة بقدرةٍ سنويةٍ تبلغ 54 مليون كيلوواط ساعيّة، وهو ما يكفي لتزويد 30 ألف منزل بالطاقة، ما يجعلها تقدّماً فارقاً في إنتاج الطاقة المتجددة في المناطق الساحلية.

بعد الاختبارات والدراسات الوافية، يمكن لـ”أوشِن إكس” تقديمُ دروسٍ لا تُقدَّر بثمن للابتكارات المستقبلية في قطاع طاقة الرياح، والسيرُ خطوةً أخرى باتجاه مستقبل الطاقة المستدامة.

المراجع:

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

لعبة الاختلاف … ابتكارٌ في اليابان يوقظ الإبداع البشريّ في وجه الخوارزميات

في عالمٍ يتنامى فيه حضور الذكاء الاصطناعيّ باستمرار، تقف لعبة الاختلاف شاهداً على القوة الدائمة للإبداع والتعبير البشري، من خلال تشجيع الأفراد على التفكير خارج الصندوق والإبداع بطرائق لا يمكن للذكاء الاصطناعي تقليدُها. لا يسلّط هذا المشروعُ الضوءَ على قيود التكنولوجيا فحسب، بل ويحتفي بالجوهر البشريّ الذي لا يمكن الاستغناء عنه.

 · · 8 أكتوبر 2025

الناتج المحلي الإجمالي الجديد … أداة بيانات للرصد الحيّ لحالات عدم المساواة

تجربةٌ يرى فيها الخبراء القلبَ النابضَ للاقتصاد بصورةٍ مباشرة، فلا يفهمون مقدار نموّه فقط، بل ومَن يستفيد من هذا النموّ كذلك. هذا مشروعٌ أمريكيٌّ يزوّد صنّاع السياسات بالأدوات اللازمة لرصد الفوارق بين الناس ومعالجتها في الوقت الحقيقيّ، عبر ابتكارٍ رائدٍ يتحدّى المنهج التقليدي في قراءة المشهد الاقتصاديّ.

 · · 8 أكتوبر 2025

تسريع الاكتشاف العلمي باستخدام الذكاء الاصطناعي

مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وأدواته، هل ستُحدِث تطبيقاته ثورةً في العلوم التطبيقية؟ تطبيقات تستفيد من نماذج اللغة الكبيرة، والخوارزميات المتقدّمة، لتسريع عجلة الاكتشافات العلمية وأتمتة المهام الروتينية وتوليد فرضياتٍ جديدةٍ باستمرار.

 · · 21 أغسطس 2025

الذكاء الاصطناعي الدستوري التشاركي … مواءمة الذكاء الاصطناعي مع مُدخلات الجمهور

بعد أن ترسّخ الذكاء الاصطناعيّ عنصراً أساسياً في حياة البشر، عليه أن يتمثَّل مبادئهم. من هذه الفكرة، انطلق مشروع الذكاء الاصطناعيّ الدستوريّ التشاركيّ في أمريكا، ليوائمَ سلوك الذكاء الاصطناعيّ مع القيم المجتمعية.

 · · 21 أغسطس 2025

من السماء إلى التربة: خوارزميات التعلُّم الآليّ والأقمار الصناعية لتطوير الزراعة الأفريقية

إزاءَ التحدّيات المناخيّة والغذائيّة والديمغرافيّة المتصاعدة، أطلق برنامج حصاد أفريقيا التابع لوكالة ناسا، مشروعاً يهدف إلى تحسين الممارسات الزراعيّة عبر الاستفادة من البيانات الحيّة وصور الأقمار الصناعيّة.

 · · 21 أغسطس 2025
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right