أستراليا تستخدم الذكاء الاصطناعيّ لمكافحة الآفات الدخيلة

أستراليا تستخدم الذكاء الاصطناعيّ لمكافحة الآفات الدخيلة

1 دقيقة قراءة
لجأت السلطات الأسترالية إلى الذكاء الاصطناعيّ في مواجهة إحدى الآفات الدخيلة المدمِّرة اقتصادياً وبيئياً، فطوّرت تطبيقاً يستطيع مساعدة العامة في التعرف على الحشرات الضارة والإبلاغ عن مواقعها، وذلك لبناء قاعدة بيانات وطنية ودعم حماية الأمن البيولوجيّ الأستراليّ.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

لجأت السلطات الأسترالية إلى الذكاء الاصطناعيّ في مواجهة إحدى الآفات الدخيلة المدمِّرة اقتصادياً وبيئياً، فطوّرت تطبيقاً يستطيع مساعدة العامة في التعرف على الحشرات الضارة والإبلاغ عن مواقعها، وذلك لبناء قاعدة بيانات وطنية ودعم حماية الأمن البيولوجيّ الأستراليّ.

يتنامى يومياً الاهتمام العالميّ بالذكاء الاصطناعيّ وقدراته، لكن، لتحقق هذه التقنية إمكانياتِها ومعناها، ينبغي أن تنعكس في حياة الناس اليومية بجعلها أسهلَ وأفضلَ وأكثرَ أماناً.

في أستراليا، وهي واحدةٌ من الدول الرائدة حول العالم في مجال الذكاء الاصطناعيّ، يواجه الأمن البيولوجيّ أخطاراً متزايدةً، إذ يعاني المزارعون بسبب الآفات الزراعية، وأبرزها حشرات “البق النتن” (Stink Bug). فحدود أستراليا البحرية الممتدة لأكثر من 60 ألف كيلومترٍ تمثِّل بواباتٍ مثاليةً لدخول الآفات والكائنات الدخيلة، لا سيما في ظلِّ طبيعة المنظومة التجارية. يعود منشأ هذه الحشرة بُنيّة اللون إلى الصين، ومع تزايد صادراتِها أواسط التسعينات، انتشرت منها إلى بلدان عدّة حول العالم. وهي واحدة من الأنواع الغازية التي تستطيع القضاء على أكثر من 300 نوع من النباتات مثل التفاح والفواكه ذات النواة الصلبة والبندق والحبوب. تتكاثر هذه الحشرات في مجموعات كبيرة في ظروف الإضاءة الجيدة مثل معامل السيارات، وتدخل الأنثى خلال الحمل مرحلة سباتٍ في الأماكن المظلمة لتستيقظ بعد أشهر في بلدٍ آخر تم تصديرُ السيارات إليه. بسبب طبيعتها هذه، قد تغزو أراضيَ جديدةً في غياب الأعداء الطبيعيين القادرين على ضبط تعداداتها، وقد تسبِّب ضرراً بيئياً كبيراً، فهي تشبه أنواع الحشرات الأخرى إلى حدٍّ كبير، ما يجعل التعرُّف عليها صعباً.

ولأنَّ هذه الظاهرة تحوَّلت إلى تحدٍّ أستراليٍّ فريد، فهي تتطلب بالتالي حلاً أسترالياً فريداً. لذلك، قامت وزارة الزراعة والمياه والبيئة بتكليف منظمة الكومنولث للبحوث العلمية والصناعية “سي سايرو” بالبحث عن الحلول وقدَّمت لها الدعم البحثيّ. فاستخدمت “سي سايرو” تقنيات الذكاء الاصطناعيّ والتعلُّم الآليّ والتشغيل الذاتيّ السحابيّ لتصميم تطبيقٍ قد يساعد في إبعاد البق النتن.

يقوم التطبيق الجديد على نموذجٍ أوليٍّ ساهمت شركة “مايكروسوفت” في تمويله، وآليةُ عمله هي رصد بذور الأزهار العشبية الضارة، حيث يستخدم الذكاء الاصطناعيّ لتحديد أنواع البق النتن من بين آلاف العينات الموجودة في مخابر “سي سايرو”، والتي جُمعت من داخل البلاد وخارجَها. ففي أستراليا وحدها، يعيش 600 نوع مسجَّلٍ من هذه الحشرة، إضافةً إلى عدة آلافٍ من الأنواع غير المُصنَّفة بعد. وقد اختيرت لهذه الأنواع أسماء ترتبط برائحة الفيرومونات والمواد الكيميائية التي تستخدمها للتواصل فيما بينها.

على مدى سنوات، شكَّلت هذه العينات قاعدة بياناتٍ توسَّعت تدريجياً. وبهدف إيجاد قاعدة مرجعيةٍ تُبنى عليها خوارزميات التطبيق، يقوم الخبراء بالتقاط صورٍ رقميةٍ مفصَّلةٍ لحشرات البق النتن الموجودة لديهم، كما يستخدمون تقنية التصوير ثلاثيّ الأبعاد للحصول على لقطات من زوايا عدة.

باستخدام كاميرا الهاتف الذكي، يمكن للمستخدم التقاطُ صورة للحشرة وتحميلُها على التطبيق، الذي يحدِّد نوعَها بالرجوع إلى قاعدة بياناته، حيث يتضمَّن ملفات تعريفٍ بأنواع الحشرات مع أمثلة على الصور والمعلومات المتعلِّقة بكلِّ حشرة. وتتيحُ برمجيات التطبيق أيضاً تكبيرَ الصورة أو تصغيرَها واستعراضَ الحشرة من زوايا مختلفة، كما يمكن للمستخدمين إرفاقُ الإحداثيات الجغرافية والتوقيتِ المحليّ بصورة الحشرة، ومن ثم الإبلاغ عن نوعها للمساعدة في بناء قاعدة البيانات ودعم مهمة مسؤولي الأمن البيولوجي.

يأمل الفريق البحثيّ توسيع جهوده في اتجاهين مختلفين، حيث يتطلّع لإضافة نماذج الذكاء الاصطناعيّ لأنواع أخرى من الكائنات الحية التي تهدِّد التوازن البيئيّ، وفي الوقت نفسِه، يهدف القائمون على هذا المشروع لإشراك العامة وتثقيفهم ومنحهِم دوراً في مواجهة التحديات ومساعي الحفاظ على الأمن البيولوجيّ، حيث يلعب الأخير دوراً محورياً في احتواء المخاطر. فهو ما جعل معدّلات انتشار الآفات والأمراض في أستراليا من الأدنى في العالم، وهو أساسيُّ لقيام صناعاتٍ كاملةٍ كتصدير المزروعات، والتي تبلغ قيمتُها 51 مليار دولار، كما أنَّه يخدم قطاع السياحة بما قيمتُه 50 مليار دولار، ويضمُّ أصولاً بيئيةً تتجاوز قيمتُها 5.7 تريليون دولار، ويؤمِّن أكثرَ من 1.6 مليون وظيفة. ولدوره الحيويّ هذا، تطبِّق السلطات تدابير خاصةً لحمايته، خاصة بالنظر إلى موقعها كدولة جُزُرية، إذ تقوم الهيئات الحدودية بفحص ملايين الطرود البريدية وحاويات الشحن والنباتات والحيوانات والمسافرين، وتستخدم أجهزة الأشعة السينية وبرامج الحجر الصحيّ والمراقبة وغيرها. وحالياً، يخضع هذا التطبيق الجديد لاختبارات وزارة الزراعة والمياه والبيئة في الموانئ والمطارات لتحديد مدى فاعليته ورصد التحديات التي قد تواجهه.

سيساعد هذا التطبيق العاملين في مجال الأمن البيولوجيّ على تمييز الأنواع الدخيلة وفصلِها عن الأنواع الأصلية للبلاد. وبالنسبة للفريق التنفيذيّ، فقد قدَّمت هذه التجربة مثالاً على أهمّ التطبيقات العملية لقاعدة البيانات المليئة بالحشرات. كما أثبتت الشراكة التعاونية كونَها وسيلةً ناجحةً لتحويل التقنيات الحديثة إلى حلول حقيقية لتحديات كبرى.

وعلى نطاقٍ أوسع، فإنَّ الاستثمار في البحث واستكشاف الطرق الجديدة لتحديد المخاطر واحتوائِها، والمشاركة العالمية للمعلومات والموارد والابتكارات، كلُّها تساهم في حماية الأمن البيولوجيّ للبلاد، والحفاظ على الثقافة والقيم المجتمعية.

المراجع:

https://www.csiro.au/en/news/News-releases/2022/AI-powered-app-helps-keep-Australia-free-from-stink-bug-pests

https://blog.csiro.au/ai-stink-bug/

https://www.awe.gov.au/biosecurity-trade/policy/australia

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

لعبة الاختلاف … ابتكارٌ في اليابان يوقظ الإبداع البشريّ في وجه الخوارزميات

في عالمٍ يتنامى فيه حضور الذكاء الاصطناعيّ باستمرار، تقف لعبة الاختلاف شاهداً على القوة الدائمة للإبداع والتعبير البشري، من خلال تشجيع الأفراد على التفكير خارج الصندوق والإبداع بطرائق لا يمكن للذكاء الاصطناعي تقليدُها. لا يسلّط هذا المشروعُ الضوءَ على قيود التكنولوجيا فحسب، بل ويحتفي بالجوهر البشريّ الذي لا يمكن الاستغناء عنه.

 · · 8 أكتوبر 2025

الناتج المحلي الإجمالي الجديد … أداة بيانات للرصد الحيّ لحالات عدم المساواة

تجربةٌ يرى فيها الخبراء القلبَ النابضَ للاقتصاد بصورةٍ مباشرة، فلا يفهمون مقدار نموّه فقط، بل ومَن يستفيد من هذا النموّ كذلك. هذا مشروعٌ أمريكيٌّ يزوّد صنّاع السياسات بالأدوات اللازمة لرصد الفوارق بين الناس ومعالجتها في الوقت الحقيقيّ، عبر ابتكارٍ رائدٍ يتحدّى المنهج التقليدي في قراءة المشهد الاقتصاديّ.

 · · 8 أكتوبر 2025

تسريع الاكتشاف العلمي باستخدام الذكاء الاصطناعي

مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وأدواته، هل ستُحدِث تطبيقاته ثورةً في العلوم التطبيقية؟ تطبيقات تستفيد من نماذج اللغة الكبيرة، والخوارزميات المتقدّمة، لتسريع عجلة الاكتشافات العلمية وأتمتة المهام الروتينية وتوليد فرضياتٍ جديدةٍ باستمرار.

 · · 21 أغسطس 2025

الذكاء الاصطناعي الدستوري التشاركي … مواءمة الذكاء الاصطناعي مع مُدخلات الجمهور

بعد أن ترسّخ الذكاء الاصطناعيّ عنصراً أساسياً في حياة البشر، عليه أن يتمثَّل مبادئهم. من هذه الفكرة، انطلق مشروع الذكاء الاصطناعيّ الدستوريّ التشاركيّ في أمريكا، ليوائمَ سلوك الذكاء الاصطناعيّ مع القيم المجتمعية.

 · · 21 أغسطس 2025

من السماء إلى التربة: خوارزميات التعلُّم الآليّ والأقمار الصناعية لتطوير الزراعة الأفريقية

إزاءَ التحدّيات المناخيّة والغذائيّة والديمغرافيّة المتصاعدة، أطلق برنامج حصاد أفريقيا التابع لوكالة ناسا، مشروعاً يهدف إلى تحسين الممارسات الزراعيّة عبر الاستفادة من البيانات الحيّة وصور الأقمار الصناعيّة.

 · · 21 أغسطس 2025
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right