توظيف بيانات “العنونة المكانية” لدعم الفئات الأكثر تأثراً من عدوى كوفيد-19 في بريطانيا

توظيف بيانات “العنونة المكانية” لدعم الفئات الأكثر تأثراً من عدوى كوفيد-19 في بريطانيا

1 دقيقة قراءة
بادرت السلطات المحلية في عدد من المقاطعات والمدن البريطانية، إلى الاستعانة بالعنونة المكانية من خلال ما يعرف بـ"الأرقام المرجعية للعقارات" (UPRN)، وهي أرقام وطنية فريدة تُعطى لكل عقار، وربطها بالبيانات الوطنية، في مسعى مبتكر يسهّل على الجهات المعنية الوصول إلى الفئات السكانية الأكثر عرضة إلى الإصابة بأعراض شديدة وخطرة ناتجة عن فيروس كوفيد-19، وبالتالي تقديم العون لهم في الوقت المناسب.
شارك هذا المحتوى

أضف إلى المفضلة ♡ 0

بادرت السلطات المحلية في عدد من المقاطعات والمدن البريطانية، إلى الاستعانة بالعنونة المكانية من خلال ما يعرف بـ”الأرقام المرجعية للعقارات” (UPRN)، وهي أرقام وطنية فريدة تُعطى لكل عقار، وربطها بالبيانات الوطنية، في مسعى مبتكر يسهّل على الجهات المعنية الوصول إلى الفئات السكانية الأكثر عرضة إلى الإصابة بأعراض شديدة وخطرة ناتجة عن فيروس كوفيد-19، وبالتالي تقديم العون لهم في الوقت المناسب.

منذ بداية جائحة كوفيد-19، تعرضت المملكة المتحدة لتحديات عدّة طالت قطاعها الصحي، حيث زاد الضغط على الخدمات والمرافق الصحية بشكل غير مسبوق، خصوصاً مع وصول حالات عديدة تتطلب عناية مشدّدة ومراقبة لفترات طويلة داخل المستشفيات. وقد بات واضحاً للجهات المختصة أن هناك عدداً من العوامل تساهم في تفاقم أعراض المصابين بكوفيد-19 وزيادة خطورتها، ومن أهمها كبر السن أو وجود أمراض مزمنة كداء السكري أو أمراض القلب. وفي حال توافرت البيانات التي تساعد على تحديد السكان الأكثر تأثّراً بعدوى كوفيد-19، تستطيع الجهات المعنية تقديم العون اللازم لهم أو حتى العمل على الحد من إصابتهم. وفي هذا السياق، تُقدم “الأرقام المرجعية للعقارات” بصفتها أرقام فريدة تُستخدم لتمييز العقارات وتحديد جميع الأعيان المادية في البلاد، من محطات الباصات إلى الشركات، فرصةً للربط بين بيانات الأفراد ومكان سكنهم وبالتالي تسهيل الوصول إليهم ومساعدتهم. ومن هذا المنطلق، ارتأت ثلاث مجالس محلية في المملكة المتحدة أنّ تضيف الأرقام المرجعية للعقارات إلى قواعد بياناتها لتسهيل عملية تحديد الأفراد الذين يحتاجون إلى عناية أو خدمات خاصة لمواجهة عدوى كوفيد-19.

بحكم الأنظمة الصحية في المملكة المتحدة، تجمع المستشفيات بيانات مختلفة تساعدها على تحديد الفئات التي قد تعاني من أعراض خطيرة عند إصابتها بكوفيد-19، إلاّ أنّ العديد من المجالس المحلّية لاحظت أنّ البيانات التي تحصل عليها من الحكومة المركزية المتعلقة بالفئات الأكثر تضرراً من الجائحة، لا تتضمّن أي عنونة مكانية كالأرقام المرجعية للعقارات، وذلك لأنّ هيئة الصحة الوطنية لا تستند إلى تلك الأرقام كبيانات مرجعية في أنظمتها. ولهذا السبب قام مجلس مقاطعة “دورهام”مثلاًبإضافة الأرقام المرجعية للعقارات إلى القوائم التي حصل عليها من الحكومة المركزية والتي تتضمن أسماء الأفراد المعرضين للإصابة بأعراض شديدة الخطورة من عدوى كوفيد-19.

ولاحظ المجلس أن تلك القوائم لا تتضمّن جميع سكان المقاطعة المنتمين إلى تلك الفئات. وبناءً على ذلك، قرّرت الجهات المعنية استعمال قواعد البيانات الداخلية للمجلس وربط الأرقام المرجعية للعقارات مع قوائم الحكومة المركزية وبالتالي المساهمة في إعداد تقارير داخلية أكثر دقة حول السكان واحتياجاتهم. كما تمّ الاستناد إلى هذه القوائم المحدّثة من أجل التواصل مع الأفراد وتوعيتهم حيال خدمات الدعم المتاحة لهم. وجاء ضمن الجهود التي بذلها المجلس لدعم السكان مراجعة مجموعات البيانات الداخلية من قبيل خدمات الرعاية الاجتماعية للأطفال والبالغين لتحديد الأشخاص الأكثر عرضة للتأثر من عدوى كوفيد-19، وإضافة الأرقام المرجعية إليها أيضاً لتسهيل الوصول إليهم.

وفي مبادرة أخرى، سعى مجلس مدينة “شيفيلد”البريطانيةإلىتقديم المساعدة للسكان المسنين الذين يقطنون لوحدهم، ولكن المجلس واجه تحدياً جوهرياً أثناء تحديد الطريقة المثلى للوصول إلى تلك الفئة. فبالرغم من توافر البيانات الضريبية لديه، إلاّ أنّها لا تتضمّن بيانات مكانية كتلك التي تمثلها الأرقام المرجعية للعقارات. وتمثّل الحل في مقارنة البيانات الضريبية مع قاعدة بيانات الملكيات والأراضي المحلية. وعلى إثره، تمّ الكشف عن بعض الفروقات التي تم التعامل معها بشكل منفرد، وأضيفت الأرقام المرجعية للعقارات إلى قواعد البيانات ككل. وبعد ذلك، نظر مجلس المدينة في السبل التي تمكّنه من حفظ سجل خاص بالمساعدات التي يتلقاها الأشخاص الأكثر تأثراً من عدوى كوفيد-19، وبالتالي تمّت إضافة هذه المعلومات إلى قاعدة بيانات الملكيات والأراضي المحلية. ومع تعزيز وعي الموظفين بالبيانات المكانية والأرقام المرجعية للعقارات وأهمية تبادل البيانات بين الجهات الحكومية، حقق المجلس تقدماً ملحوظاً في فترة وجيزة.

وفي تجربة مماثلة، أضاف قضاء “مول فالي” الأرقام المرجعية للعقارات إلى قوائم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بأعراض شديدة من كوفيد-19 التي حصل عليها من هيئة الخدمات الصحية الوطنية. فمع بداية إجراءات الإغلاق للحدّ من تفشّي جائحة كوفيد-19 في مارس 2020، لم تكن هذه الأرقام المرجعية جزءاً من قاعدة بيانات هيئة الخدمات الصحية الوطنية، وقد قام مجلس قضاء مول فالي وغيره من السلطات المحلية الأخرى بالضغط على الحكومة المركزية من أجل إدراجها فيها. وبالفعل، تكلّلت جهود هذه السلطات المحلية بالنجاح واستُخدم نظام تشغيل آلي من أجل إتمام عملية دمج الأرقام المرجعية، وضمان سهولة جمع البيانات. وبهذه الطريقة، تمكن مجلس مول فالي من تقديم المساعدة لمن يحتاجها، كما قام بتحديد مدى قرب منازل الأشخاص الأكثر تأثراً بعدوى كوفيد-19 من الخدمات الصحية والمجتمعية، والعمل على تحسين المساعدات التي تتلقاها تلك الفئات.

واجهت المجالس المحلية الثلاثة السابقة تحديات عدّة أثناء قيامها بربط الأرقام المرجعية للعقارات مع قواعد البيانات الحكومية. كان أبرزها العمل اليدوي الشاق في بعض الحالات لربط البيانات المكانية المتمثلة بالأرقام المرجعية للعقارات بمجموعات بيانات أخرى للتمهيد لاستخدامها بما يضمن الاستفادة القصوى. إضافةً إلى الحاجة إلى توعية الموظفين بالدور الذي يمكن أن تؤديه الأرقام المرجعية للعقارات لتحسين الخدمات الحكومية، وتدريبهم على إضافتها وربطها بقواعد البيانات المختلفة. ومن التحديات التي برزت أثناء ربط قوائم الأشخاص الأكثر تأثراً بعدوى كوفيد-19 هي الحاجة إلى التحقق من تلك القوائم باستمرار نظراً لقيام هيئة الخدمات الصحية الوطنية بتحديثها دورياً.

وقد خلُصت المجالس المحلية الثلاثة أنّ إضافة البيانات المكانية المتمثلة بالأرقام المرجعية للعقارات إلى قواعد بياناتها، ساهم في تحسين فعالية أدائها وكفاءة خدماتها، وتمكينها من الاستجابة السريعة لاحتياجات المواطنين. وفي حين جاءت العملية كنتيجةٍ مباشرةٍ لجائحة كوفيد-19، إلاّ أنّ العديد من الجهات المعنية رأت فيها حلاً مبتكراً يمكن اعتماده في المستقبل في شتى المجالات الأخرى.

المراجع:

https://www.local.gov.uk/case-studies/durham-county-council-combines-datasets-using-uprn-assist-vulnerable-residents

https://www.local.gov.uk/case-studies/sheffields-linking-uprns-council-tax-data-support-over-70s-living-alone

https://www.local.gov.uk/case-studies/mole-valleys-use-uprns-link-datasets-support-clinically-extremely-vulnerable-people

اشترك في منصة ابتكر لتبقَ على اطلاع على أحدث المبادرات والمساقات والأدوات والابتكارات الحكومية
قم بالتسجيل
اشترك في النشرة الإخبارية لمنصة ابتكر
القائمة البريدية للمبتكرين
تصل نشرتنا الإخبارية إلى أكثر من 30 ألف مبتكر من جميع أنحاء العالم!
اطلع على النشرة الإخبارية لدينا لتكون أول من يكتشف الابتكارات الجديدة و المثيرة و الأفكار الملهمة من حول العالم التي تجعلك جزءاً من المستقبل.
Subscription Form (#8)
المزيد من ابتكر

لعبة الاختلاف … ابتكارٌ في اليابان يوقظ الإبداع البشريّ في وجه الخوارزميات

في عالمٍ يتنامى فيه حضور الذكاء الاصطناعيّ باستمرار، تقف لعبة الاختلاف شاهداً على القوة الدائمة للإبداع والتعبير البشري، من خلال تشجيع الأفراد على التفكير خارج الصندوق والإبداع بطرائق لا يمكن للذكاء الاصطناعي تقليدُها. لا يسلّط هذا المشروعُ الضوءَ على قيود التكنولوجيا فحسب، بل ويحتفي بالجوهر البشريّ الذي لا يمكن الاستغناء عنه.

 · · 8 أكتوبر 2025

الناتج المحلي الإجمالي الجديد … أداة بيانات للرصد الحيّ لحالات عدم المساواة

تجربةٌ يرى فيها الخبراء القلبَ النابضَ للاقتصاد بصورةٍ مباشرة، فلا يفهمون مقدار نموّه فقط، بل ومَن يستفيد من هذا النموّ كذلك. هذا مشروعٌ أمريكيٌّ يزوّد صنّاع السياسات بالأدوات اللازمة لرصد الفوارق بين الناس ومعالجتها في الوقت الحقيقيّ، عبر ابتكارٍ رائدٍ يتحدّى المنهج التقليدي في قراءة المشهد الاقتصاديّ.

 · · 8 أكتوبر 2025

تسريع الاكتشاف العلمي باستخدام الذكاء الاصطناعي

مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وأدواته، هل ستُحدِث تطبيقاته ثورةً في العلوم التطبيقية؟ تطبيقات تستفيد من نماذج اللغة الكبيرة، والخوارزميات المتقدّمة، لتسريع عجلة الاكتشافات العلمية وأتمتة المهام الروتينية وتوليد فرضياتٍ جديدةٍ باستمرار.

 · · 21 أغسطس 2025

الذكاء الاصطناعي الدستوري التشاركي … مواءمة الذكاء الاصطناعي مع مُدخلات الجمهور

بعد أن ترسّخ الذكاء الاصطناعيّ عنصراً أساسياً في حياة البشر، عليه أن يتمثَّل مبادئهم. من هذه الفكرة، انطلق مشروع الذكاء الاصطناعيّ الدستوريّ التشاركيّ في أمريكا، ليوائمَ سلوك الذكاء الاصطناعيّ مع القيم المجتمعية.

 · · 21 أغسطس 2025

من السماء إلى التربة: خوارزميات التعلُّم الآليّ والأقمار الصناعية لتطوير الزراعة الأفريقية

إزاءَ التحدّيات المناخيّة والغذائيّة والديمغرافيّة المتصاعدة، أطلق برنامج حصاد أفريقيا التابع لوكالة ناسا، مشروعاً يهدف إلى تحسين الممارسات الزراعيّة عبر الاستفادة من البيانات الحيّة وصور الأقمار الصناعيّة.

 · · 21 أغسطس 2025
magnifiercrossmenuchevron-downarrow-right